

التوصيل مجاني (داخل المغرب) لجميع الطلبيات ابتداء من 800 درهم.
الطبيب ليس في الأصل سوى ساحر مضاد. فكلمة طب في العربية القديمة تعني السحر كما الطب، والطب سليل السحر. لهذا، فحتىي يومنا هذا لا يتميز الطبيب في شمال أفريقيا أبدًا عن الساحر مقدار عدم تميز المرض عن المس بالجن، فعلى الأقل ثمة بين الوضعين انتقالات خفية. ومقدار ما تتضمن كتب الطب والحكمة العربية المنتشرة في كل مكان، ككتاب الرحمة في الطب والحكمة للسيوطي مثلاً، العديد من الوصفات الطبية تتضمن العديد من الوصفات السحرية، فالتقنيات المستعملة في طرد الجن تتجاور فيها مع التعلميات العلاجية، وشعائر السحر الأبيض مع استعمال الأعشاب ومربعات الأعداد والحروف مع العقاقير الصيدلية. وفي الواقع، يكون في الغالب من المستحيل التمييز بين الشعيرة السحرية والشعيرة الطبية. فالعربي يعتقد أن كل ممارساتنا العلاجية سحرية، ونحن أيضًا في اللغة نعتبر سحرًا كل ما لا نفهمه.
متوفر للعملاء الدوليين.المجتمع المغاربي المسلم: السحر والدين في إفريقيا الشمالية Magie et religion dans l’Afrique du Nord هذا الكتاب في الأصل دروس ألقاها إدموند دوتي في المدرسة العليا للآداب، التي كان أستاذا بها في الجزائر، وبدأت في دجنبر 1905، وهو تاريخ إلقاء المحاضرة الأولى التي قدم بها الكتاب. وفي سنة 1909 نشر الكتاب بالجزائر عن مطبعة تيبوغرافي أدولف أوردان. وسيعاد طبع الكتاب بباريس سنة 1994 عن دار ميزونوف وغوتنر. وبعد قرن من تأليف إدموند دوتي لمؤلفه “الدين والسحر في إفريقيا الشمالية”، قام الناقد الأدبي فريد الزاهي، الباحث بالمركز الجامعي للبحث العلمي، جامعة محمد الخامس-السويسي، بترجمته إلى العربية سنة 2008. وصدر عن دار مرسم للطبع والنشر بالدار البيضاء. وبفضل هذا العمل حصل على جائزة الأطلس الكبير لأحسن ترجمة سنة 2008، التي تقدمها وزارة الثقافة المغربية، ومصلحة التعاون الثقافي بسفارة فرنسا بالمغرب. وهي فعلا ترجمة تستحق التنويه لدقتها البالغة، وسلاسة العبارة العربية المستعملة، وتكفي الإشارة أن الهوامش أيضا قام بترجمتها. يقول إدموند دوتي “إن موضوع الكتاب الحالي يتعلق بنشأة الفكرة السحرية والمقدس” ، وإذ يؤكد أنه يهتم بالفكرة الدينية، فهو يشير أنه لم يقف عند دراسة المقدس المشخص، أي الأولياء وغير ذلك. ولم يتناول أيضا “تاريخ الدعوات والصلوات وأصولها”، إذ أجل الحديث فيها. كتاب “الدين والسحر”… كان يعي إدموند دوتي أهمية العمل الذي يقوم به في سياق الدراسات السابقة، ظهر ذلك في التوطئة التي يقول فيها:” تتمثل الفكرة العامة لهذا الدرس في تطبيق النظريات التي بلورها منذ نصف قرن الإثنوغرافيون، وخاصة المدرسة الأنثروبولوجية الإنجليزية والمدرسة الفرنسية، على الظواهر الدينية الملحوظة في إفريقيا الشمالية”. ويعترف منذ البداية أن العديد من تفسيراته تبدو هشة، لكن الأهم بنظره تقديمه النسقي المؤقت للمعلومات التي أوردها. كما أنه يقر بعدم ملاءمة النظرية الطوطمية لتفسير الحضارة الإسلامية التي يدرسها، والتي يعتبرها أكثر تطورا من حضارات أخرى طبقت عليها تلك النظرية. يتطرق بعد ذلك إلى الفرضية التي سادت في وقته لدراسة الديانة الإسلامية، التي تركز على التأثيرات وما تمتحه حضارة من أخرى. ويقصد النظرية التطورية التي تبناها تايلور ومرغان، وفرايزر. وفرضية البقايا الوثنية التي طرحها إدوار فيسترمارك. غير أنه يستدرك عليها قائلا: “فقد سعينا قبل كل شيء إلى تقديم العلة السوسيولوجية والسيكولوجية للمؤسسات وتطورها منذ القدم، مهما تكن المنطقة التي صدرت عنها” . وختاما يمكن القول أن أبرز ما يميز أعمال إدموند دوتي، كتاب “السحر والدين في إفريقيا الشمالية”، إذ يدشن به لبداية أنثروبولوجيا الإسلام في المغرب العربي. أما الكتب الأخرى، خاصة الرحلات فإنها لم تكن جديدة من حيث المنهج، إذ سبق لمولييراس، وشارل دو فوكو، وألفرد لوشاتوليي أن قاموا بمثلها. غير أن كل تلك المعطيات التي سيجمعها دوتي سيوظفها بشكل نسقي في “السحر والدين”. والأهم أن دوتي قد تجاوز من خلال هذا البحث المجال الخاص بالظواهر الدينية، ليقترح تصورا أنثروبولوجيا كاملا للثقافة المغربية التقليدية وعلاقة الإنسان المغربي بهذه الثقافة”. وقد اصطبغت أعمال دوتي بمنهج تأويلي غير خاف، يلخص ذلك الباحث المغربي حسن رشيق في السمات التالية؛ القيام بوصف جزئي للظواهر المدروسة؛ البحث عن معنى الطقوس المدروسة باستلهام الإثنوغرافيا المقارنة.
البيانات
مراجع محددة
لم يقم أي عميل بتقييم هذا المنتج بعد.