








Livraison gratuite (au Maroc) à partir de 800 DH.
Disponible pour les clients internationaux.يأتي هذا الكتاب إضافة جديدة لسلسة (سورياالهلنستية) والتي كرّسْتُها لتسليط الضوء على عظماء الفكر والأدب السوريين ممن تأثروا بالثقافة الهلنستية الغنية وأثّروا فيها. وقد وقع اختياري على هذه الوثيقة التاريخية بالذات بعد أن اقترح عليَّ ترجمتها الصديق الباحث تيسير خلف، وتبعذلك الكثير من التقصي أدركت بعده ضرورة نقلها إلى العربية، بل وعجبت لغياب أي ترجمة عربية لأي جزء منها بعد انقضاء حوالي 18 قرناً، وذلك رغم أنها غاية في المحورية لجهة فهم الفلسفة الأفلاطونية المحدثة وأثرها في نشوء العقيدة الهرمسية في تلك المرحلة وكل ما تلاها من عقائد وجماعات وأخويات إيزوتيرية()، وتفسير ملابسات طقوسها، ومعاني رموزها، وممارساتها السحرية. كما تمتلك هذه الوثيقة أهمية إضافية نظراً لأهمية كاتبها (يمبليخوس الخلقيسي) 250م ـحوالي 325م، والذي يعتقد المؤرخ (فوتيوس) بأنه ينتمي إلى سلالة (جرم شمس) الحمصية()، وهي أسرة عريقة تنتمي إليها الإمبراطورة جوليا دومناومنهم كهنة إله الشمس في روما. ومن المدهش أن هذا الكتاب هو جدل افتراضي ما بين التلميذ (يمبليخوس الخلقيسي) وأحد معلميه() (بورفيريوس الصوري)()، حيث يفنّد التلميذ آراء الأستاذ وليس العكس. ومردّ ذلك إلى الاختلاف في المنهج بين الاثنين ولو اتفقا في المبدأ على منطلقات الفلسفة الأفلاطونية المحدثة(). وفي حين يتفق (أفلوطين)() و(بورفيريوس الصوري) مع تلميذهما (يمبليخوس الخلقيسي) على أن العقل له مستويان: - العقل المتجزئ وهو المدرك للمحسوسات الدنيوية. - والعقل الكلي والذي يتجاوب بشكل فطري مع العقل الخالق الكوني. وأن الكون له مستويان للكيانات: - الكيانات الكلية السامية الخالدة، - والكيانات المتجزئة الدنيوية الفانية. كما يشتركون بتسلسل الخلق الذي يبدأ بالمسبب الأول الواحد، والذي يليه العقل الإلهي (الديميرج) والذي فاضت منه روح الكون الخالقة ومنها تأتى الخلق بكل مستوياته. كما يتفقون على أنه يجب على الإنسان أن يسعى إلى الارتقاء بروحه لكي تسمو وترتفع في مستواها لتبلغ مرحلة تندمج فيها مع المستوى الأعلى من الكيانات السامية. إلّا أنهم يختلفون حول التفاصيل وحول منهج الارتقاء الروحي. ففي حين يرى (أفلوطين) أن الحيز العلوي من الروح البشرية يبقى في عالم المـُثل في حين يمتد الحيز الأدنى من الروح البشرية ليختلط بالجسد البشري، فيحمل الحيز الأدنى التوق إلى العودة والالتقاء بحيزه الأعلى، ويتحقق برأيه ذلك من خلال التحريض الحثيث للإنسان لوعيه الأعلى، ويركز (بورفيريوس) على جانب تهذيب الجسد أيضاً من خلال الصوم عن أطعمة معينة. بالمقابل يرتكز (يمبليخوس) إلى عقيدة المصريين الذين يراهم أكثر محافظة على أصول المعرفة الكهنوتية من اليونانيين، حيث يؤمنون بأن الروح البشرية تهبط بكاملها إلى العالم المخلوق عندما تتصل بالجسد، وهذه أول نقطة خلاف مع (أفلوطين). كما يرى(يمبليخوس) أن كلاً من الروح البشرية والعقل البدهي البشري يحملان توقاً نحو الأعلى، فالروح تتوق للارتقاء والتلاقي مع الكيانات الأسمى في عالم لأرواح السامية، والعقل البدهي ينجذب نحو العقل الكوني ويطمح للعودة إليه. ومن منظور (يمبليخوس) فإن الطريق الوحيدة نحو الخلاص وتحقيق ما يدعوه بـ"ذروة السعادة" هو الطريق الطقسي السيميائي والذي يمتلك بمعتقده القدرة على تطهير الروح وإحداث تكيّف فيها، فتتشابه مع الآلهة، وفي مفهوم الأفلاطونية المحدثة فإن التشابه بين الأمور يسبب تقاربها، فتتقارب روح الإنسان مع الآلهة ثم تتحد معها. ولا تقتصر أهمية الكتاب على كونه جدلاً هاماً بين تيارين فرعيين في الفلسفة الأفلاطونية المحدثة، بل إن الفكر والإيمان لدى (يمبليخوس) قد أثّرا في العديد من المعتقدات الإيزوتيرية لاحقاً والتي مزجت بينه وبين ما تم العثور عليه من (متون هرمس)() لتخرج بطقوس ومعتقدات وتعاليم وأدبيات معتبرة الانتشار في العصر الراهن. حيث ترى الباحثة (آنجيلا فوسس)() أن تعاليم (يمبليخوس) هي الأصل لكثير من الممارسات الطقسية لدى سحرة (الماجاي) في عصر النهضة الأوروبية، وتحديداً لدى (مارسيليو فيتشينو) الذي أعاد إحياء الطقوس الهرمسية في القرن الخامس عشر، بل ويمتد أثر (يمبليخوس) وصولاً إلى فكر باحثين في القرن العشرين مثل (جون دي تيرنر)، ويتعداهم إلى العديد من المعتقدات والطقوس الوثنية، وكل ما دخلت فيه الرموز والأصنام والنبوءة والقرابين.
Fiche technique
Références spécifiques
Aucun commentaire pour le moment.